حمدان بن عثمان خوجة
- مولده و نشأته:
ولد حمدان بن عثمان خوجة بمدينة الجزائر سنة 1773 وهو من الكراغلة (أم جزائرية وأب تركي)، وترعرع في كنف أسرة عريقة المنبت. كان والده فقيها وأمينا عاما للإيالة ” مكتابجي”، أما خاله فقد تقلد منصب أمين السكة (وزير المالية أنذاك.(
ظروفه هذه ساعدته على أن يحظى برعاية فائقة وتعليم رفيع، فنهل من مختلف العلوم كعلم الأصول والفقه والفلسفة. بالرغم من ذلك لم تكتمل ثقافته إلا من خلال رحلاته عبر بلدان إسلامية ومسيحية. فاستوعب أهم الأحداث التي عرفها العالم لاسيما الحركات الفكرية التي أحدثت صراعا قويا بين النظم المحافظة والنظم الليبيرالية ، كان لها أثرها القوي على شخصيته .
ولقد ألم ببعض اللغات الأجنبية فكان يحسن إلى جانب العربية والتركية اللغتيين الفرنسية و الإنجليزية، لكنه لم يكن يجيد كتابتهما.
- نضاله و كفاحه:
قضى حمدان خوجة أغلب حياته في خدمة الصالح العام خاصة بعد احتلال مدينة الجزائر، إذ أنه تبنى سلوك الحذر والتوفيق بين الطرفين الفرنسي والجزائري، وبذل كل ما في وسعه لإقناع الداي بضرورة التفاهم مع الفرنسيين لإبرام صلح قد يجنب الجزائر بعض الكوارث، كما أنه أرسل إبنه للتفاوض مع الجنرال” دوبورمون
هذا ولقد كلفه الداي حسين باشا-بعد نكبتي سيدي فرج وسطاوالي- بالبحث عن قائد الجيش وإلزامه بإعادة تنظيم قواته وإرغامه على جمع ما أمكن من الجنود كمحاولة أخيرة لفك الحصار عن مدينة الجزائر.
في عهد الإحتلال عينه الجنرال” كلوزيل” عضوا في بلدية الجزائر وفي اللجنة المكلفة بتعويض الأشخاص اللذين فقدوا ممتلكاتهم، لكنه عزل من مناصبه هذه لأنه كان شوكة في حلق الحكومة الفرنسية في الجزائر نظرا لمواقفه الجريئة، مثل رفض السماح ” لكلوزيل” بالإستيلاء على المساجد والمؤسسات الخيرية.
ولقد كان تجريده من جميع أملاكه عاملا آخر زاد من سخطه على الإستعمار الفرنسي فرفع قضيته هذه إلى المحاكم العدلية العليا بباريس، طمعا في أن تنصفه من ظلم الحكام الفرنسيين بالجزائر، وبعد إنتظار ثلاث سنوات، اعتبرت قضيته ملغاة.
هذه القضية لم تنقص من عزيمة حمدان خوجة بل شجعته أكثر على الإستمرار في مواجهة المعمرين الفرنسيين إذ دافع على احترام ما جاء في وثيقة الإستسلام التي تم التوقيع عليها يوم 5 جويلية 1830، وحارب سياسة الإبادة والإستئصال.
إستمرت مساعي حمدان خوجة في الخارج فقام بدور الوسيط بين” الأمير عبد القادر” و” الحاج أحمد باي” “الباب العالي” في صالح القضية الجزائرية. ولم يقف عند هذا الحد بل رفع الإعتراضات والشكاوي إلى ملك فرنسا ” لويس فليب”، كما أرسل يوم 3 جوان 1833 مذكرة إلى الماريشال ” سولت ” وزير الحربية الفرنسي، ضمنها جميع المخالفات التي ارتكبتها الجيوش الفرنسية في الجزائر. وأعلن في شهر جويلية 1833 عن تشكيل اللجنة الإفريقية للتحقيق في الوضع الذي آل إليه الجزائريون.
- مؤلفاته:
- ترك حمدان خوجة أثارا قيمة وهي كالتالي :
- المرآة: صدر في أكتوبر 1833 باللغة العربية، ثم ترجم إلى الفرنسية تحت عنوان”لمحة تاريخية وإحصائية حول إيالة الجزائر”. ويعتبر هذا الكتاب من أهم المصادر التي تطرقت إلى تاريخ الجزائر في أواخر العهد العثماني وبداية الإحتلال الفرنسي، كما فضح فيه مساوئ الإدارة الإستعمارية والواقع المزري للشعب الجزائري.
- إتحاف المنصفين والأدباء في الأحتراس من الوباء: صدر عام 1836، كتبه باللغة العربية والتركية، وحث فيه على الوقاية من الأمراض وكيفية علاجها.
- رسالة أسماها ” حكمة المعارف بوجه ينفع لمسألة ليس في الإمكان أبدع” ألفها سنة 1837، يظهر فيها تأثره بأفكار الإمام الغزالي.
- ترجمة لكتاب ” نور الإيضاح ونجاة الأرواح ” للشيخ ” حسين الشرنبلالي الحنفي ” (1585-1659) من اللغة العربية إلى التركية وسماها ” إمداد الفتاح” وموضوعه الفقه الحنفي.
- مخطوط ضخم به 228 ورقة وهو عبارة عن ملخصات ونسخ وفتاوي لشيوخ وعلماء مغاربة ومشارقة.
- مذكرة قدمها للجنة الافريقية في جويلية 1833 والتي تحتوى على قضايا هامة حلل و وصف من خلالها أوضاع الجزائريين واضطهاد السلطة الفرنسية.
- رسائل تبادلها مع شخصيات متعددة.
- قصائد وصف فيها حالته وحالة أهل بلاده
- وفاته:
لايعرف تاريخ وفاته على وجه التحديد على الرغم من أن ” جورج إيفار” حدده ما بين سنة 1840 و 1845. في حين قال ” محمد بن عبد الكريم” في كتابه” حمدان خوجة الجزائري و مذكرته: ثبتت وفاته أواخر 1840 .