مصطفى بن بولعيد
- مولده و نشأته:
ولد مصطفى بن بولعيد في 05 فبراير 1917 بقرية “إينركب” بأريس ولاية باتنة، ابن محمد بن عمار وعائشة أبركان والوالدان ينتميان إلى عائلة من سكان قرية أولاد “تغريبت” من عرش “التوابة”.
نشأ مصطفى في وسط أسرة ميسورة الحال، متدينة، محافظة على مقومات الشخصية الوطنية الجزائرية. فاستمد من محيطه عمق العقيدة والثبات على المبدأ.
بدأ الشهيد مساره الدراسي على يد شيوخ المنطقة، حيث حفظ القرآن على يد الشيخ “ابن ترسية” وبعد ذلك انتقل إلى مدينة باتنة لمواصلة دراسته، حيث التحق بمدرسة الأهالي (الأمير عبد القادر حالياً) ثم المدرسة العليا الإعدادية.
وفي أواخر الثلاثينات التحق بن بولعيد بمدرسة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بأريس، ثم استدعي إلى الخدمة العسكرية الإجبارية في 1938 ثم مرة ثانية عام 1944 وتحصل فيها على رتبة رقيب.
بعد وفاة والده في 07 مارس 1935، أصبح بن بولعيد مسؤولاً على العائلة، أسس مع مجموعة من الرفقاء جمعية خيرية للتآخي والتآزر ومن أجل التضامن بين سكان المنطقة.
في عام 1937 سافر مصطفى إلى فرنسا فاستقر في مدينة (فيليري) ثم انتخب رئيساً لنقابة العمال بعدما حظي بثقة الأغلبية. عاد إلى مسقط رأسه في أفريل 1938 وعمل في التجارة والفلاحة، تزوج عام 1942 فكان أباً لستة أبناء وابنة واحدة.
- نضاله السياسي:
بدأ الشهيد مصطفى بن بولعيد نضاله الحزبي في الخامسة عشر من عمره، ضمن خلية كانت تمارس نشاطها في أريس تحت مسؤولية مسعود بلعقون ثم انضم إلى حزب الشعب في 1938، استطاع بفضل قوة شخصيته أن يظفر باحترام وتقدير كل من عرفه.
تعرض الشهيد مرتين إلى محاولة اغتيال من قبل بعض العملاء ،كانت المحاولة الأولى في 1949 والثانية في 1950. شارك في انتخابات 04 أفريل 1948 ونال أغلبية الأصوات بدائرته أولا التزوير الذي مارسته الإدارة الفرنسية. انظم إلى المنظمة السرية عند تأسيسها ليصبح بذلك مناضلاً على ثلاث مستويات: العلني، السري والشبه العسكري. وبعد اكتشاف المنظمة في مارس 1950 كلف بإيواء المناضلين الهاربين من البوليس الفرنسي ولقد ساهم مع هذه المجموعة في الإعداد للثورة المسلحة ابتداءً من 1933، كان بن بولعيد من مؤسسي “اللجنة الثورية للوحدة والعمل” (CRUA) في 06 مارس 1934 بعد الخلافات والأزمة الحادة التي عرفها الحزب.
سعى بن بولعيد لإيجاد صيغة لتوحيد الصفوف خاصة بين بين الأطراف المتنازعة لتخطي عقبات المرحلة الصعبة. ومن أجل ذلك شارك في أشغال مؤتمر ّهورنو” ببلجيكا أيام 14-15-16 جويلية 1954 وعندها اقتنع بعدم جدوى مساعيه الإصلاحية، ففك الروابط السياسية والتنظيمية بينه وبين الأطراف المتصارعة. ونظراً لاعتبارات عدة أسندت لمصطفى رئاسة دريش “بصلومبيي” (المدنية حالياً) كما كان عضواً من أعضاء مجموعة “22” الذين قرروا إشعال فتيل الثورة.
انتقل الشهيد والبعض من رفقائه إلى سويسرا من أجل إبلاغ الوفد الخارجي بقرار اجتماع “22” من أجل الدعاية للثورة وتمويلها بالسلاح في إطار التموين دائماً، يقال عن الشهيد أنه كان يساهم من ماله الخاص من أجل اقتناء الأسلحة والتي بلغ مجموعها 500 بندقية.
كان يجب أن ينجز كل أعماله بنفسه، ولقد حاول الاتصال بالمسؤولين لتنظيم سير قوافل السلاح مما عرضه إلى الأمر في 11 فيفري 1955 بين الحدود التونسية الليبية… بعد هروبه من سجن الكدية في نوفمبر 1955 اتجه إلى منطقة عين مليلة إلى منطقة قرب تازولت ثم اتصل بالجيش وبدأ في التنظيم والعمل ثم ليتجه بعد ذلك من الأوراس إلى النمامشة لإعادة تنظيم المنطقة ثم لينتقل إلى بانيان قرب مشونش واتصل بمسؤولي المناطق الصحراوية.
وفي 03 مارس 1955 قدم مصطفى إلى المحكمة العسكرية الفرنسية بتونس وحكم عليه يوم 28 ماي 1955 بالشغال الشاقة مدى الحياة وبعد ذلك نقل إلى قسنطينة لتعاد محاكمته من جديد يوم 21 جوان من نفس السنة، فحكم عليه من جديد بالإعدام بتهمة الإخلال بالنظام العام والتآمر مع جهات أجنبية على أمن فرنسا.
- استشهاده:
استشهد مصطفى بن بولعيد على إثر انفجار جهاز إرسال واستقبال عند محاولة تشغيله هو و05 ماي من المجاهدين فمساء يوم 22 مارس 1956 في تافرفرت قرب الجبل الأزرق. وفاة الشهيد ظلت سرية إلى غاية انعقاد مؤتمر الصومام في 20 أوت 1956.