الـــــحاج أحمــــــد بـــــاي
- مــــولده ونشأتــــه :
ولد الحاج أحمد باي حوالي سنة 1784 بمدينة قسنطينة، هو أحمد بن محمد الشريف بن أحمد القلي، من أصل كرغلي، تلقى في مدارس الحاضرة تعليما تقليديا وتربية صالحة، ومنذ صغره تعلم الفروسية ومارسها مما سمح له فيما بعد بتقلد منصب قائد الحرس على قبائل الحراكتة القوية سنة 1809. عرف الحاج أحمد بحزمه وذكائه وعدم تسامحه في أي تجاوز يقع ببلاده الأمر الذي جعله قاسيا تجاه أعدائه فقاومهم مقاومة شديدة.
- الـــحاج أحمـــد بايا على قسنطينــــة :
عرف الحاج أحمد باي بشخصيته القوية، عند حكمه لبيلك قسنطينة عام 1826 هذه المقاطعة التي عرفت بالإضطرابات الإدارية وعدم الإستقرار، فبمجرد تسلمه لمهامه عمل على إرجاع المقاطعة إلى وضعها الطبيعي، وأول عمل إداري قام به هو إصلاحات إدارية إتسمت بالجدية والعدالة إلى حد كبير، فلم تكن الرعية في عهده تتعرض إلى إضطهاد أوظلم ولعل هذا ما أدى فيما بعد بسكان قسنطينة بعد إحتلال مدينة الجزائر العاصمة أن يصروا على ضرورة إبقاء الحاج أحمد باي حاكما للمدينة نظرا للإرتياح الذي شعروا به. كما عمل على إخضاع القبائل المتمردة وتنظيمها، فمثلا أعاد تنظيم قبيلة أولاد عبد النور، وهي من القبائل المعروفة بمقاطعة قسنطينة من حيث كبرها، كانت خاضعة لثلاثة شيوخ، فأسند قيادتها إلى قائد واحد، أما من الجانب العسكري فقد أعاد تشكيل جيش منظم واعتنى بتدريبه، وللإشارة أنه في سنة 1830 خلال الحملة الفرنسية على الجزائر كان أحمد باي بالجزائر العاصمة، وذلك من أجل دفع ” الدنوش ” والهدايا المفروضة على البايات كل ثلاث سنوات، فطلب منه الداي حسين الإنضمام إلى الإجتماع الذي إنعقد بسيدي فرج لإيجاد طريقة محكمة للتصدي للغزو الفرنسي، وهذا بعد أن إقترح عليهم خطة تمثلت أساسا في إنسحاب الجيش الجزائري نحو شرشال وتترك للفرنسيين فرصة لإتمام الإنزال، بعدها يتم الهجوم عليهم من قبل الجيش الجزائري المتواجد بشرشال والعاصمة، وهي نفس الخطة التي نفذها أحمد باي في معركة قسنطينة الأولى وتمكن بفضل هذه الخطة من إبعاد الفرنسيين عنها حتى كانت المعركة الثانية. وبعد معركة أستطاوالي إنهزمت القوات الجزائرية، وأخذ الفرنسيون يتقدمون نحو العاصمة، وبقي أحمد باي يقاوم مع فرسانه إلى أن وصل العدو إلى الحراش وسقطت المدينة، فسارع إلى قسنطينة للدفاع عنها.
- إحــــتلال مـــدينة قسنطينـــــة :
رأت السلطات الفرنسية أن إستمرار وجود بايلك الشرق سيشكل خطرا عليها وبالتالي لابد من محاربة الباي الذي بدأ يستعد للدفاع عن قسنطينة، خاصة عند قيام (المارشال كلوزيل ) في 21 نوفمبر 1836 بالإستعداد للدخول للمدينة فوصل فيلق متكون من 8700 جندي، على إثرها قسم الباي قواته إلى قسمين، القسم الأول مهمته الدفاع عن المدينة، أما القسم الثاني مهمته العمل على الخطوط الخلفية لمهاجمة مؤخرة العدو.
هاجمت قوات الباي الجنود الفرنسيين، الذين إضطروا إلى التراجع مطاردين من طرف الجزائريين تاركين وراءهم الأسلحة والجرحى.
في سنة 1837 قررت السلطات الفرنسية أن تقوم بحملة ثانية ضد قسنطينة بقيادة الجنرال (الكونت دامريمون) قدرت قواته ب 24000 رجل منهم 16000 مقاتل، ومدفعية بقيادة الجنرال فالي (VALEE) وصل هذا الجيش في 5 أكتوبر 1837 إلى مدينة قسنطينة. قتل دامريمون (DAMREMONT) فخلفه فالي، لكن عدم التكافؤ بين القوات الجزائرية والفرنسية، أضعف دفاعات المدينة وأدى إلى سقوطها. على إثرها إنسحب الحاج أحمد إلى الصحراء قصد تشكيل زمالة وإبقائها تحت حماية المشاة أما بقية الجنود فقد قرروا الرجوع إلى المدينة والتمركز في طريق عنابة لقطع الإتصالات على العدو، وبالرغم من إحتلال قسنطينة رأى المارشال فالي أن التفاوض قد يسهل عملية توطيد ركائز الإستعمار، لكن أحمد باي رفض الإتفاق الذي أبرم في 26 أكتوبر 1837و الذي ينص أساسا على إعتراف أحمد باي قسنطينة بسيادة فرنسا وسلطانهم عليه.
في مارس 1838 كرر أحمد باي المحاولة وذلك عن طريق حث القبائل على الجهاد، منتظرا وصول النجدة من قبل الباب العالي، وإستطاع بالفعل القيام بمناوشات أزعجت باي تونس في أكتوبر 1841، عسكر أحمد باي” بسهل طاقة ” إستعدادا لشن حملته ضد العدو. إلتقى بقوات الجنرال ( نقريي)، قتل فيها تسعة جنود من قوات المستعمر، وجرح 28 من بينهم ثلاثة ضباط أما الباي أحمد فقد بقي في منطقة الأوراس لمدة سنة ونصف.
في نهاية 1843 عين (الدوق دومال) لقيادة مقاطعة قسنطينة هدفه الرئيسي القضاء على مقاومة أحمد باي، وفي ربيع 1844 وقع إشتباك بين الطرفين، من خلاله إستطاع أحمد باي أن ينقض على العدو.
- وفاته:
توفي أحمد باي سنة 1856 في الجزائر العاصمة، دفن بتربة زاوية ضريح الشيخ سيدي عبد الرحمن الثعالبي.