الشهيد لــواج محمد بن أحمد المدعـو ( فـراج )
- مولده و نشأته:
لــواج محمد بن أحمد المدعـو ( فـراج ) من مواليد شهر ماي 1934 بغورايا ضواحـي سبدو ولاية تلمسان ، ينحدر من أسرة متكونة من سبعة أخوة، كانت تمتهن الفلاحة. تعلم القــرآن الكـــريم بإحدى كتاتيب المنطقة ثم زاول دراسته القرآنية بعد بلوغه الخامسة من عمره في بلدة الحناية بنواحي تلمسان ثم عاد إلى عين غرابة (بني هديل) سنة 1952 ليلتحق بمدرسة التهذيب التي أسستها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، لينهل من العلوم على يد شيخها الجليل ” مصباح حويذق ” وليقوم بمهمة التدريس فيها.
- نضالة السياسي :
جلب انتباه أساتذة ومسؤولي دار الحديث التي كان يتردد عليها من حين لأخر حيث أتم معارفه ودعمها بتكوين سياسي. نمت فيه الروح الوطنية منذ صغره فأحس بظلم الاستعمار وغطرسته ووسائله الوحشية في معاملة الشعب الجزائري، فأصبح الشهيد يؤمن بان أنجع وسيلة للقضاء على الاستعمار هي الكفاح المسلح.
عند بلوغه التاسعة عشر من عمره أصبح مطاردا من طرف الاستعمار جراء نشاطه السياسي السري، حيث عين رئيسا للتنظيم السري ببني هديل (عين غرابة). اضطر للانقطاع عن التدريس ومغادرة بلدته ومفارقة أهله ليستقر في مدينة سعيدة التي مارس فيها مهنة الخياطة وفيها عين رئيس فوج تحت اسم مستعار “السي عبد المؤمن ” فاظهر كفاءته السياسية وقدرته على التنظيم الحقيقي رغم حداثة سنه. ثم عاد إلى قريته أثناء انقسام حركة انتصار الحريات الديمقراطية والتي كان منخرطا فيها.
عين الشهيد عضوا في الجنة الثورية للوحدة والعمل ولما كانت القوات الاستعمارية تطارده غير اسمه المستعار فمن ” السي عبد المؤمن إلى السي الطاهر إلى السي فراج إلى السي مبروك ” وتولى بالتدريج منصب مسؤول القسمة ثم رئيس القسمة ثم رئيس المنطقة ثم مسؤول الناحية الخامسة برتبة ” نقيب “. اعترفت قيادة الولاية الخامسة بمواهبه في الحرب فعينته مسؤولا على المنطقة الخامسة برتبة ” رائد ” وتمكنت المنطقة الخامسة التي أصيبت بخسائر كبيرة في إطاراتها من الاستمرار والصمود في وجه العدو بفضل خبراته العسكرية.
وبعد اندلاع الثورة المباركة في أول نوفمبر 1954 خاض الشهيد سلسلة من المعارك منها معركة ” مرباح ” ومعركة ” جبل نوفي ” ومعركة ” التاج ” قرب سيدي يوسف ومعركة بناحية ورقلة كما مارس نضاله الحربي على طول الحدود المغربية الجزائرية بنواحي ” بوعرفة، تويست وفقيق” وكان يزرع الرعب في صفوف العدو.
بعد أن أثبت وجوده في الميدان تولى في فترة مارس 57/58 قيادة المنطقــة الخامسة من الولايــة الخامسة، أشرف وقاد خلالها عدة معارك بطولية ضد العدو وحقق فيها انتصارات معتبرة دعمت إلى حد كبيــــر مسيــــرة الثورة وبسطت نفوذها وجدرتـــه عبر كامل تراب المنطقة.
- ترقيتــه إلى عضوية مجلس قيادة الولاية:
بعد منتصف عام 1958 أصبح الشهيد فراج عضوا بمجلس قيادة الولاية الخامسة برتبــة صاغ أول حيث تابع نضالـــه وجهاده بكل قوة إلى جانب الشهيد الصاغ الثاني العقيد لطفــي في قيادة وإدارة العمليـــات بحكمـة وحزم في مختلف المجالات. وكان الشهيد فراج قد رافق قائد الولاية الشهيد لطفي إلى القاهرة حيث حضرا اجتمـــاع المجلس الوطني للثــورة ثم عادا معا إلى الجزائر مرورا بالمغرب الأقصى في طريقهما إلى ميدان عملياتها بتراب الولاية الخامسة.
- من خصال الشهيد:
كان ذو فكر وثقافة واسعة. يقول عنه محمد الصالح الصديق انه كان حريصا على الوقت ومحبا للقراءة وانه التقى به سنة 1960بطرابلس (ليبيا) خلال انعقاد المجلس الوطني للثورة وطلب منه كتابا يقرأه في وقت فراغه، بالإضافة إلى الأخلاق الرفيعة امتاز الشهيد بالبساطة وعدم التكلف فأحبه جنوده وقادته الذين قاسمهم أفراحهم وآلامهم، كان سلوكه مثاليا في الطاعة والانضباط ونكران الذات. ناضل مع رفاق الدرب منهم الرئيس الراحل هواري بومدين، الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، العقيد لطفي، العقيد عثمان، بن علال، عبد القوي، احمد مدغري، عبد الجبار، سليمان قايد، وغيرهم..
- استشهاده:
شارك ” الرائد فراج ” إلى جانب العقيد لطفي في أعمال المجلس الوطني للثورة الجزائرية الذي انعقد بطرابلس (1959- 1960) وبعد انتهاء الأعمال طلب منهما الالتحاق بأماكن الكفاح. ولعبور الأسلاك المكهربة بالحدود الجزائرية المغربية كان عليهما أن يعبروا الصحراء رفقة ثلاث جنود، وبينما كانت القوات الاستعمارية تقوم بدوريات متتابعة وبعد حوالي ثلاثة أيام من السير اكتشفهم العدو جنوب بشار وهنا سارعت القوات الاستعمارية اليهم حيث دارت معركة طاحنة بمنطقة جرداء فكانت مقاومتهم عظيمة وجهادهم عنيفا الأمر الذي أرغم العدو على استعمال الطيران فكان رحمه الله المثل الأعلى في الثبات والشجاعة والنضال. وفي 27 مارس1960 سقط البطل شهيدا رفقة زميله العقيد لطفي بجبل بشار الواقع جنوب المدينة وعلى بعد حوالي 20 كلم ووهبا حياتهما فداء للوطن مقابل الحرية.